الأرق يولّد التردد…
فنجان القهوة إلى جاني، وإصبعي على زناد القلم. ومع أوّل رشفة يتبادر إلى ذهني السؤال الآتي: لماذا هذا الجو من الأرق، الذي يشارك عدد كبير من الذين يدلون بدلوهم على مختلف الشاشات اللبنانية؟ ما محور هذا الأرق؟ إنه إحتمال عودة الحرب إلى هذا الوطن المنهك من البوابة الجنوبية، وصولاً إلى ما لا يعلمه إلا الله.
أحد الخبراء العسكريين صرّح أنّ هذا الأمر غير وارد حالياً، على الأقل على المدى المنظور. أما الآخرين فانّهم يعتبرون أنّ الدولة بطيئة جداً في قضية جمع السلاح، وما يرافق ذلك من استلام لمراكز، كانت مواقع دفاع أو منصات إطلاق هجومية، على العدو الصهيوني، ولا شك أنّ كل ذلك هو الالتزام بما تمّ التوافق عليه، تحت غطاء دولي على أعلى المستويات.
وبعد عدة رشفات من هذا الفنجان الذي ما زال إلى جانبي، بدأت مجموعة من الغيوم السوداء تتجمع في سقف الغرفة. لأن التصريحات والخطابات والتحليليلات التي تنفث تشاؤمها، ورؤاها للمشهد العام بشكل قاتم، تجعل المستثر الذي أخذ يفكّر في البدء بانجاز بعض المشاريع، وهذا سيعود على الوضع الاقتصادي بالخير، يتردد ويتمهّل في الخطوة التي سيخطوها. فالأمن الاجتماعي عامل هام جدا، بل وأساسي، والاستقرار المادي عامل آخر لا يقل أهمية، كي يُقدم أي رجل أعمال على وضع مبالغ من ماله الخاص في حالة مغامرة، في بلد تحتلّ المفاجآت غده قبل يومه.
ومع الرشفة الأخيرة من فنجان القهوة الذي رافقني في المحطة، التي توقفت عندها اليوم، لا بدّ من إعلانها صراحة: كلّ من أراد إنشاء مشروع جديد في هذا البلد، ولم تتوفر له الظروف الملائمة، فانّ سيتردد بلا شك، وسيعدّ على أصابعه مرات ومرات، وقد يعدل عن الفكرة، والأهم أنّ وطننا هو الخاسر الأول والأخير، دون إغفال شعبه الذي عانى وما زال من ويلات الحرب وآثارها.
بقلم: لميس عبدو

