هل تلاشى الحسّ القومي بالقضية الفلسطينية؟
لقد تحوّل الجوع، في غزّة، إلى آلة حرب صهيونية، يعاونها هذا النقص الحاد في المعدات واللوازم الطبية، في ما تبقى من أجزاء لم تتعرّض للهدم من المشافي ومراكز الاسعافات، وحتى هؤلاء الذين تركوا أهلهم، ونذروا أنفسهم للخدمات الانسانية البحتة، من متطوّعين وأطباء، لم يسلموا من الاجرام الصهيوني الأعمى.
ما زال المعنيون بالقرارات ذات العيار الثقيل، يطرحون الورقة تلو الورقة، بحجة أنها سعي لفض الاشتباك العسكري، القائم بين المجاهدين الأبطال، والذين ينتمون لاكثر من تنظيم إسلامي، والعدو الصهيوني، الذي يحتلّ الأرض بغير وجه حق على الاطلاق، ولا يترك وسيلة لممارسة إجرامه، إلا واستخدمها، في ظلّ حال من تضييع الوقت، محلياً، إقليمياً ودولياً،
هل هذا التضييع للوقت، هو جزء من المؤامرة الخبيثة على قضية فلسطين المحتلة؟ هل تصفية الشعب الفلسطيني المقاوم هو الهدف، وتكريس الوجود الصهيوني في دولته المزعومة؟ ألا يدعو ذلك إلى العجب والدهشة معاً؟ وخاصّة أن احتلال فلسطين كان المحرّك الاساسي لكلّ الاحزاب والتنظيمات العربية سابقاً، وحتى هذه الدول كان بعضها يؤكّد حق الفلسطيني في تحرير أرضه، ويدعم الجهود المبذلة لتحقيق المقصود، وما المدّ القومي الذي اجتاح الدول العربية في ستينات وسبعينات القرن الماضي، إلا دليل ساطع على ذلك.
ما الذي تغيّر اليوم؟ لماذا لم تعد هذه القضية تهم عدد كبير، وكبير جداً من سكان الدول الناطقة بلغة الضاد؟ هل هو اليأس؟ هل هي الانانية بأن يكون البلد الذي يعيش هذا الشعب أو ذاك بخير، وأن يكون الفرد فيه مُحققاً للرفاهية الحياتية، له ولعائلته؟ يعني بعبارة أخرى، أنا ومن بعدي الطوفان، ربما، لكن هذا النمط من التفكير هل كان سيسيطر على الأدمغة، لو لم تتم تغذيته على مدى الاجيال التي تلت تلك المرحلة الثورية، إن صحّ التعبير، تربوياً واعلامياً، ومن ثم سلوكياً.
بقلم : لميس عبدو


