
توقّفت الحرب.. ماذا بعد؟
فجأة، ودون سابق إنذار، سكتت المدافع، وعادت الطائرات إلى قواعدها سالمة، وانكفأت الصواريخ بكل أنواعها إلى مخابئها من جديد،وبدأت عملية لملمة الجراح، واحتساب الخسائر وتقييمها، إضافة إلى البدء بالتصليحات التقنية، وكل ما يتعلّق بالحياة اليومية من مصالح حيوية للمواطن لدى الطرفين اللذين تحاربا على امتداد اثني عشر يوماً، دون أن ننسى تدخّل طرف ثالث، داعم للعدو الصهيوني بكل وقاحة وعلانية.
ولا شك أن إعادة ترتيب الشؤون العسكرية سيتطلّب وقتا، وستتخلّله أخذ العِبَر من الثغرات التي طالتجوانب متعددة في ساحات المعارك التي دارت، ولم ترحم أخضراَ أو يابساً.
وقد سبق لي أن تحدثت عن احتمال حوار ديبلوماسي يجري تحت الطاولة، وبعيداً عن أعين الإعلام، وعلى نطاق ضيّق، بالرغم من هول القصف الصاروخي المدمّر، الذي كان يصمّ الآذان، وهدير الطائرات بكل أشكالها المسيّرة وغير المسيّرة الذي كان نذير شؤم، كلّما أطلّ برأسها في الأفق، وكأنّ البُوم قد تجمّع من بقاع الأرض في أفقين متعاكسين.
هل توقُّفُ دوي الانفجارات هنا وهناك، سيبعث في نفوسنا الأمل، أنّ ما جرى لن يتكرّر، وإن على أرض أخرى، وفي وقت قد نراه بعيداً وأعداؤنا يرونه قريباً، وهم دوماً في حال استعداد لجولة جديدة من الحرب التي ستدوّنها ذاكرة التاريخ، وستتحوّل إلى حديث تتجاذب أطرافه الأجيال المقبلة.
عشرات علامات الاستفهام تتراصف، حول ما جرى، وكيف ستكون الامور من الآن فصاعداً، ناهيك عن التساؤل الابرز الذي تشرئب عنقه يول : كيف يمكن لحرب على هذه الدرجة من القساوة، أن تبدأ وتنتهي مفاعيلها في دزينة من الأيام؟ وكيف يمكن للمرء أن يثق أن الشعارات الحماسية التي تسبق كل تحرّك عسكري، واحتقان خانق، يجعل كل الطرق تؤدّي إلى ما ليس في الحسبان؟ فهل من أجات شافية ومقنعة في هذا المضمار؟
بقلم: لميس عبدو



