الفساد ينخر الاقتصاد..كالسوس الأسود
بالرغم من كلّ المحاولات التي تنادي بها الاحزاب اللبنانية بمختلف توجهاتها، للنأي بالنفس، أي تحييد لبنان عن كلّ الصراعات الإقليمية والدولية، إلا أن الإنعكاسات ما زالت تفعل فعلها، وستبقى كذلك، على الأقل على المدى المنظور, لاعتبارات مختلفة وأهمها الإقتصادي، لأننا نعيش في وطن يستورد أكثر مما يصنّع ويصدّر، وهذا يشكّل هشاشة في الميزان التجاري، على الصعيد الخاص، وبالتوازن بين التحصيلات، التي تعاني منذ سنوات من شحّ يعرفه الجميع في منسوبها، وبين المدفوعات التي تمسك بعنق الدولة، حتى الاختناق.
وما بين هذين الامرين، هناك الفساد المستشري بشكل لا يستطيع عقل أن يحدّه. فالأمر لا يمكن حصره في جانب أو اثنين من التعاطي مع أمور الدولة، بمختلف أنواع مؤسساتها وإداراتها، بل يتعداه إلى نواحٍ كثيرة ومتشعبة، تنخر في الأداء المطلوب من الدولة كالسوس الأسود.
وهذا الفساد الذي أصبحت سيرة شجرته المتفرعة والمتجذرة على لسان كل من عاش، وما يزال على قيد الحياة في هذه البلاد، جعل الكثير من المستثمرين يغضّون الطرف عن إقامة أي مشروع، من شأنه أن يسمح بفرص عمل لعدد من العائلات، لتحسين ظروف عيشتهم.
والفساد ليس حكرا على الرشوة، التي يتقاضاها موظف ما لتمرير معاملة ما على حساب غيرها، وليس تزويرا في مستند ما، للحصول على مال إضافي بغير وجه حق، ليتقاسمه كلّ مَن ساهم في تمرير هذا المستند، بحجج واهية لا تمت إلى المنطق بشيء.
الحديث عن الفساد وأشكاله وأنواعه يطول ويطول، ولكن ما تجب معرفته أنّ الفساد يدمّر الإقتصاد، ويُضعف الدولة، ويسيء إلى سمعة البلد الذي ولدنا وترعرعنا فيه. لذا على كلّ الذين يريدون دولة قوية وحازمة الشّروع في خطوات عملية، وعدم الاكتفاء بالكلام فقط.
بقلم: لميس عبدو


